الخميس، أيلول ١٥، ٢٠١١

لو كنت دكتورا!


لو كنت دكتورا!
لا أحسد أي دكتور ولا أي إنسان، فلا أراقب الناس وليس بطبعي الحسد، كان يفترض أن أكون حاملا للدكتوراه عام 1994 في العلاقات الدولية من جامعة كولومبيا-ميزوري لولا ظروف عائلية طارئة اضطرتني لترك دراستي والعودة إلى وطني. سعيت إليها لأنني كنت أحلم أن أخدم وطني (المحتل الآن) سفيرا أو وزيرا. علي أي حال أنا سعيد بما أنا الآن وبما أنجزته و"هذه هي الحياة، وهذا هو أنا!"، هذا شعاري في الحياة.
كتبت كثيرا عن الدكتور العربي وقدت حملات أيام (واتا) دفاعا عنه، مظلوما أو معتقلا أو حيا، كتبت كثيرا لاستفزازه واستنهاضه أيضا...
أكتب الآن لأنني أكن احتراما كإنسان لهذه الشهادة التي تبهدلت كثيرا على أيدي أصحابها وحامليها والعابثين فيها والمسيئين إليها. أتحدث بشكل عام ولا أعمم، وأتحدث مع نفسي لمن لا يعجبه كلامي.. أتحدث عن عشرات آلاف الدكاترة العرب الذين يحملون دكتوراه بلا طعم أو لون أو وزن.
لا أدري لم شخصية الدكتور العربي هامشية باهتة، صنمية متحجرة، يشعرك الدكتور العربي أن شهادة الدكتوراه هي خاتمة المطاف وبداية رحلة التكلس الطبيعي والتحنيط الذاتي، لا نشاط ثقافي ولا كتابي ولا سياسي ولا علمي ولا بحثي ولا اجتماعي ولا نقابي ولا ما يحزنون! شعاره ولسان حاله  في الحياة يقول "دثروني زملوني وبالدكتوراه حنطوني حنطوني!" طبعا إلا من رحم ربي وما أقلهم إن كنا نتحدث عن جيش جرار من عشرات الآلاف.
تخيلوا هذه القوة العلمية الهائلة المعطلة فرديا وجماعيا الآن. تخيلوا أنهم لم يؤسسوا أو لم يستطيعوا أن يؤسسوا اتحادا للأكاديميين العرب أو فعلا وطنيا أو عربيا، وعندما أعلنا عنه على الفيبسوك قبل أكثر من عام لم يسجل به مئة من جملة خمسين ألفا مشتركين في هذه الشبكة على الأقل. بعضهم سيبدأ باللطم الآن بعد قراءة المقال وفتح حسينية بيتية وجامعية ليتأفف ويتعفف ويتحدث عن الظروف الاقتصادية والسياسية والمسؤوليات والترقيات والغربة، دون أن يذكر لمَ لمْ يضيء أو يحاول أن يضييء شمعة في هذا الظلام الأكاديمي والعربي الدامس.
كنت أقول أيام (واتا) ومن فرط اعتزازي بالعقول العربية وشهادة الدكتوراه قبل أن يخذلوني جميعا، متخيلا آلاف الدكاترة وعشرات آلاف العقول، المسجلة في واتا آنذاك، في مدرج أمامي، كنت أقول لهم: أنا قادر، بكم، على اقتحام البنتاغون بدون إراقة قطرة دم!
لو كنت دكتورا، لجعلت الأرض تهتز! تهتز فعلاً وإنجازاً واعتزازاً!
تحية بدون "لو"!
عامر العظم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق