الخميس، أيلول ٠٨، ٢٠١١

العراق ومصر بلدان فاسدان

هادي جلو مرعي
مسكين هذا الصعيدي البروفسور في جامعة جورج تاون، ذكرني بنفسي، فهو يبكي بلده مصر في الرايحة والجاية، ويتحدث عن فساد يلتهم المحروسة من خلال الهوانم اللاتي يؤسسن منظمات لتطوير المرأة الصعيدية، وهو يقول إن إحداهن لم تكن تعرف إنه صعيدي حين قابلته في أمريكا ,وعندما كانت تحاول إقناع الأمركيين بتقديم الدعم لمنظمتها وعلى مدى سنوات، وحين سألها، أجابت:إنها لم تزر الصعيد ولا مرة في حياتها! وهي واحدة من هوانم جاردن ستي والزمالك. ثم فوجئت بالصعيدي البروفسور يرتقي المنصة.
الأمريكيون والأوربيون ضخوا مئات ملايين الدولارات على مدى السنوات الثماني الماضية في العراق، ذهبت في أغلبها الى جيوب الحرامية من المسؤولين الحكوميين، وتجار المنظمات النسائية والرجالية والمشاريع الصحفية، وتلك المعنية بحقوق المرأة والطفل...لكن ليس ذلك بالغريب, فمن تجرأ من أصحاب منظمات حقوق الإنسان على حز الأثداء, يجرؤعلى سرقة المساعدات الإنسانية والمنح التي تقدمها بلدان الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية، ونسمع عن زملاء يجتمعون بممثلي منظمات دولية ويحصلون على أموال لتطوير مشاريع العمل الصحفي وبناء مؤسسات إعلامية تدعم الديمقراطية في عراق ما بعد صدام حسين، ولا نحسدهم لكننا نريد معرفة الأقبية المظلمة التي تبتلع تلك الأموال، ومدى تأثيرها في بناء الدولة الحديثة، ولكن ليس من أثر..
وأشارك الكاتب والبروفسور الصعيدي مأمون فندي الذي يشبه الى حد بعيد صديقي المصري (وليم) الذي يعيش من زمن طويل في بغداد ونصحته أن لا يعود الى القاهرة، فالأمور تزداد تعقيداً، ورغم مضي سنين طويلة على وجوده في عاصمة الرشيد إلا إن (وليم) يتذكر بالمليم أين يقع سجن (طرة) الشهير.
المفسدون في مصر أكثر من الهم على القلب، وفي العراق لم يتركوا هماً ليجد مكاناً له على القلب, فقط تكاثروا مثل زهرة النيل السامة، ولهطوا كل شيء. وفي هذا البلد كان نظام صدام حسين دكتاتورياً وشرساً,وفي مصر كذلك، وهو حال الحكام العرب يتسابقون ,أيهم الأول في قمع شعبه؟ وفي مصر سكن المصريون المقابر وهاجروا الى أنحاء الدنيا بناءاً على نصيحة الكاتب أنيس منصور!.العراقيون هاجروا في الثمانينيات عندما كانوا تحت وطأة القمع، ثم هاجروا في التسعينيات، وفي الألفية الثالثة لم يكن مطلعها إلا إستهلالاً لطريقة إدارة سيئة للعملية السياسية، وبدأ العنف يضرب بقوة، وصار الناس يقتلون ويهجرون بحسب الإنتماء الطائفي، ثم هاهم العراقيون يسكنون المقابر.
مصر والعراق بلدان يجمعهما الفساد وسوء التخطيط، والإدارة المترهلة ,وغياب الرؤية الإستراتيجية، والصراع الطائفي وضياع الفرص، وفقدان الأمل في مستقبل آمن، الفرق إن العراق يملك البترول, وهو قادر على فك الشراكة مع مصر بمجرد توفر شروط بعينها لتقويم سلوك القادة العراقيين في المرحلة الماضية, وما عليهم أن يفعلوه لتجاوز المشاق الحالية. المصريون على ما يبدو يتوقعون الأسوأ والعراقيون مثلهم, لكن فرص العراق أكبر للتخلص من مصائبه.
المفسدون الآن يتناسلون، وبعناوين تتعدد، ويجمعها هدف واحد، هو الربح، وبأية طريقة لا يهم، المهم هو جني المكاسب وتأمين الأحوال المادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق